مراسلون بلا حدود : أربعة عقود من الاهمال في أخر مستعمرة إفريقية
إيكيب ميديا
13 يونيو 2019
أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرا عن وضعية الإعلام بالصحراء الغربية تحت عنوان ” الصحراء الغربية بيداء الصحافة ” ولتقريب متابعي ايكيب ميديا سننشر عبر فقرات الترجمة الكاملة للتقرير واليكم الفقرة الثانية:
6 من نوفمبر 1975 هو تاريخ نهاية الإدارة الإسبانية والتسليم إلى المغرب حين كان الجنرال فرانكو في آخر أيام موته ، لتتشكل اليوم أربعة عقود من
القمع الداخلي والسياسة الخارجية المنفصلة عن سياسة المجتمع الدولي ،
اين قامت القوات المغربية “بمرافقة” مئات الآلاف من مواطني المملكة إلى التراب الاسباني في الصحراء الغربية. “المسيرة الخضراء” التي دفعت بالسلطات العسكرية والمدنية الإسبانية شهور بعد ذالك الى الانسحاب انذاك من الأراضي الأفريقية التي لم تحظى بإنهاء الاستعمار بها بعد وهو الحال الذي لم يتغير الى اليوم.
قبل ذلك بأسبوعين ، و في 24 أكتوبر 1975 ، نشرت أول وآخر صحيفة إسبانية يومية في
الصحراء الغربية ، La Realidad (Reality) ، مقالا حرره الصحفي بابلو-إغناسيو دي دالماسيس ،
حذر فيه من الغزو المغربي الوشيك ورضوخ إسبانيا لمطالب الرباط. وكانت تلك القصة الرائدة المزعجة هي آخر ما تنشره الصحيفة، أمرت السلطات الإسبانية بإغلاق مكتب الصحيفة، واحتجزت الصحفي “دالماسيس” لعدة ساعات ثم غادر الصحراء الغربية.
دالماسيس الذي كان ايضا يدير راديو الصحراء ، الاذاعة الرسمية الإسبانية بالصحراء الغربية ،
علق قائلاً “أفضل دليل على أن صحيفة الحقيقة (la realidad)تأسست بهدف أن تنقل الحقيقة و مصدر الأخبار الموثوق بها هو أنها قد أغلقت بسبب تقريريها الذي أفاد أن إسبانيا والمغرب سوف يبرمان صفقة لتسليم الصحراء إلى الحكومة المغربية ، خيانة وعود مدريد المتكررة للشعب الصحراوي و الامم المتحدة.
خبر تسليم المخطط ، الذي بثه الاسبان عبر خدمة الأخبار السلكية المملوكة للدولة EFE والذي علمنا به من قبل ، للأسف تبين أنه صحيح مع بقاء الديكتاتور فرانكو في مكانه ، على الرغم من ترنحه، الا ان هناك حقيقة ان مانشرته صحيفة لا رياليداد من التقارير تعبر عن وجهة النظر الرسمية ، كان يقدم معلومات موثوقة حول الأحداث وكانت تتخذ خط تحرير على مقربة من مشاعر السكان المحليين والذي يتناقض مع الخط الذي اتخذته وسائل الإعلام الإسبانية الأخرى ، والتي كانت تحت السيطرة الشديدة للحركات الوطنية التابعة لفرانكو. ” لا رياليداد” التي خرجت لمدة لم تزد عن الاربعة أشهر (من يونيو إلى أكتوبر من عام 1975) نشرت باللغتين الإسبانية والحسانية ، اللغتان الأكثر استخداما من قبل سكان الصحراء الغربية ، وهي المكونة من منطقة الساقية الحمراء شمالا ، ووادي الذهب جنوبا.
حقيقة أن واجهة الصفحة الأولى من القصة تسببت في طرد المحرر و اغلاق صحيفة “لا رياليدا” ،تظهر اليوم أكثر من أي وقت مضى ، تأكيدا أن ما نشر كان صحيحا وهو خبر يعكس اسمها “الحقيقة” .
“واقع” التطورات التي تواجهها الصحراء الغربية
أغضب حكومة إسبانيا ، كما تنبأت اليومية في عددها الأخير ، وكانت اسبانيا تطمح للمغادرة وترك
الصحراء في أيدي المغاربة ، متخلية عن مصير السكان المحليين ، وفي المقابل الاحتفاظ بنصيب من الموارد الطبيعية الثمينة للإقليم ، ولا سيما
الفوسفات في بوكراع وثروة الصيد السمكية التي لاتزال سواحل الصحراء الغربية غنية بها.
بالنسبة للمغرب ، كان إطلاق “المسيرة الخضراء” الذي سهله الموت الوشيك للجنرال فرانكو ، وعدم كفاءة حكومته الأخيرة ، و الازمة الاقتصادية العالمية
وتوازن القوى في الحرب الباردة ، كان كل ذلك تتويجا لسنوات من الاستراتيجية الذكية والمستمرة تهدف إلى السيطرة على الصحراء الغربية من طرف المغرب ،التي اعتبرها تاريخيا أراضيه. الأمم المتحدة كانت و منذ فترة طويلة تدعو إسبانيا لتنظيم استفتاء تقرير المصير ، كجزء من عملية إنهاء الاستعمار في أفريقيا.
في أغسطس من عام 1974 استسلمت الحكومة الإسبانية لضغوط الأمم المتحدة وأعلنت دعمها للاستفتاء ، الذي كان من المقرر تنظيمه في بداية عام 1975. عمل المغرب على نشر ترسانة دبلوماسية لمنع ذلك. جنبا إلى جنب مع موريتانيا ،وهذا ما فرض الحكم في هذا الشأن من قبل محكمة العدل الدولية بلاهاي ، التي أيدت موقف الأمم المتحدة ورفضت أية حقوق مغربية تاريخية على الأراضي الصحراوية.
لقد قلب المغرب حكم المحكمة ، واستغل ذكر بعض القبائل مع الروابط بين الشعبين ، وشن غزوه على الصحراء ، بعد أن وافق سابقا تبادل الغنائم الإقليمية الناتجة عن هذا الغزو مع موريتانيا.
“كانت نية الحكومة الإسبانية الأولى هي إجراء الاستفتاء” كما يعتقد دالماسيس” ويقول تم تعييني لتشغيل راديو الصحراء ، الاذاعة الإسبانية الرسمية في المنطقة ، مع مهمتين واضحتين : زيادة البث باللغة العربية ، و لكن قبل كل شيء توعية السكان بالاستفتاء وقرب الاستقلال ،وأضاف مؤكداً على الدور الاساسي الذي منحته الحكومة في مدريد لوسائل الاعلام الاسبانية في المنطقة.
“الاستعمار الاسباني كان شاذًا تمامًا: على عكس الاستعمار الفرنسي تم تنفيذه دون اسلحة ، وبدون جنود ، وبدون أموال. اتفاق اسبانيا الضمني مع الصحراويين يأتي كإدارة استعمارية ،ولكن دون استهداف دينهم ، ولا هيكلهم الاجتماعي ، ولا أي جانب هام من جوانب ثقافتهم. قائلا انه في هذا الصدد ، لم تواجه إسبانيا ظاهرة العبودية ، التي ظلت متواصلة وموجودة بالقوة ، في حين ان الاسبان الصقوا رؤوسهم بالرمال الى ان تصاعدت الحماسة الوطنية للصحراويين في السبعينيات ، اين عاشت الصحراء الغربية عصرًا ذهبيًا من الهدوء
و التعايش الذي يتذكره الصحراويون حتى اليوم. كانت هناك الوظائف والسكن والمدارس للأطفال ، والحق في المواطنة مع كامل الحقوق لحاملي الجنسية الاسبانية .
على الرغم من انتقادي الشديد لأني اخجل من ماقامت به إسبانيا فيما بعد، الا انه يجب أن أقول أيضًا أنه كان هناك تعايش جيد جدا “.
مسيرة الملك الحسن الثاني “المسيرة الخضراء” حققت اثرها المقصود وهو التخويف و ارباك الاسبان. في 14 نوفمبر 1975 ،اي أسبوع واحد قبل وفاة فرانكو ، اخر حكومة اسبانيا ديكتاتورية وقعت على “اتفاقيات مدريد الثلاثية” مع موريتانيا والمغرب ، والتي تنازلت بها عن ثلث الصحراء الغربية لموريتانيا وثلثين للمغرب اتفاقيات مدريد ، التي لم تكن أبدا معترفا بها من قِبل المجتمع الدولي ، وجاءت فقط لتسمح لإسبانيا بالذهاب بسجل مختوم بتخليها عن عشرات الآلاف من الصحراويين الذين تم تسليمهم إلى المغرب دون ضمان حقوقهم الأساسية.
في 26 فبراير 1976 ، و بعد ما يقرب قرن من الهيمنة ، تنسحب إسبانيا نهائيا من الصحراء ، وتترك
آخر الأراضي المتبقية في أفريقيا لم يتم إنهاء استعمارها في عارالنسيان السياسي الذي لا يزال الى يومنا هذا ،اي 43 سنة.
يتذكر دالميسياس ويقول: كانت من أتعس لحظات ل دالميساس في تلك الأوقات العصيبة هو راديو الصحراء الإسباني ، الذي كان داعما، للقوات المغربية. “لحسن الحظ ، رفيقي قد انقذني من تلك المهمة غير السارة وقد قام بها شخص آخر ، لكن محطة الراديو كانت سليمة ” .
بعد الانسحاب الأسباني ، جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية للتحريرالساقية الحمرا ووادي الذهب ) ، التي تأسست في عام 1973 بهدف تحقيق
الاستقلال ، أعلنت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (RASD بالاحرف الاولى بالاسبانية) ، في منتصف ليل ليلة 27 فبراير 1976. و هذا يدل
بداية فترة طويلة من الاشتباكات المسلحة بين البوليساريو والجيشان الموريتاني والمغربي.
انسحبت القوات الموريتانية في عام 1979 ، لكن
واصلت البوليساريو قتال المغرب حتى بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991.